يسأل عني//بقلم الأديب الشاعر د. محفوظ فرج المدلل
يسأل عني
يسألُ عَنّي
كلَّ صباحٍ في جرمانة
وفي ساحةِ سعدٍ
في بيروتَ وفي عَمّان
هلْ مَرَّتْ فاتنةٌ وعباءتُها
الشعرُ المسدولُ
يغطّي قامتَها الفرعاء
يقولونَ
انتبهوا لمجانين العشاق
من المسِّ !!
لم نَلْمَحْها حتى في الحلمِ
لم نلمحْ ذلك إلا ما قيلَ
بوصفِ عرائس دجلة
حين ترى الموج
يحاكي أرجلهنَّ البيضاء
لم نلمحْ ذلك إلا عندَ الحوريات
يحاذينَ النخل النجفي
وَأعيُنُهُنَّ فضاءاتٌ لجنانٍ
سَبَّحَ فيها الليلُ
وصلى للهِ وأسرفَ في الأذكار
يَتَخَلّلُني نورُ بهائك
حينَ يخامرُني أنْ تحضنَ روحي
بسمةَ عينيكِ
أقولُ : دعيها مرودَ هَدُبِكِ
لتبصرَ كيفَ تَمَوَّجَ نهرُ ديالى
وَغَطّى النارنجُ سهولَ بلادي
أقولُ : دعيها تألفُ لحظكِ
كي تتعلمَ من لفتاتك
كيفَ تبرعم وردُ النرجسِ في أفياء قميصك
وكيفَ وكيفَ
تناغمَ صفُّ الأزرارِ على جيبِ التُفّاح
وَتَعَلَّمَ
سربُ النحلِ بالهامٍ أزليٍّ
كيفَ يقبّلُ ثغرَ القِدّاح
فكنتِ رحيقاً مكتوماً باركهُ الربُّ
وأهداهُ لسومرَ منذ ملايين سنينٍ ضوئية
منذ الحزنِ الرابضِ بين النهرين
على من غابوا
قرباناً للنخلِ السامقِ
أقول : ( لآدابا ) قَطِّعْ أجنحةَ الريح
الشرقيةِ والغربية
حتى لاينفلتَ الزورقُ في مجرى
مكحول
وافقدُ صيدي وهيَ قريبٌ مني
لا تحرمْني من رِقَّةِ طلعتها
القزحية
أمهلْني
أركضْ عبرَ الساحل
كفّا في كفٍّ تحتَ رذاذِ المطر
النيساني
أمهلني ألثُمها من ضفةِِ الشرق
إلى مغربها
فصبايا الكحلاء
يراودهنَّ السمكُ العائمُ
تحت البرديِّ
فينفرنَ تباعاً يتشهّى الوردُ الجوريُّ
أناملهنَّ
ويهتزُّ جنى الرمان على وقع
خطاهنَّ
وحينَ يمررنَ بأطرافِ الشعرِ
على الماء يرتجفُ الفيروزُ بأعماق النهر
يحلم أن يغفوَ في طياتِ ملابسهنَّ
لينعمَ في سحنتهنَّ الآشورية
ما أبهى تربتك الخمرية
يا نورَ العينِ
كلُّ تَمَنٍّ لا يُجْدي لكنّي أحلمُ
أنْ أتماهى فيكٍ على طولِ الأزمان
أتناسلُ نبتةَ حِنّاء
أو نورسةٍ ليسَ تفارقُ دجلة
أو واحدةً من بعضِ فسائلِ بَرْحِيٍّ
تَتَغَذّى من فرطِ حنانك
لا أقوى يا ماءِ العين أفارقُ هذا العَبَقَ
النافحَ في عمقِ شراييني
لا أقوى أن تبعدني الغربةُ
عن نجواكِ
وعن فتنتك البغدادية
د. محفوظ فرج المدلل
تعليقات
إرسال تعليق